التاريخ : 2020-09-13
دراسة: الرماد البركاني يؤثر على الغلاف الجوي وقد يمنع ضوء الشمس
عندما تندلع البراكين، تنتج هذه الوحوش الجيولوجية سحبا هائلة من الرماد والغبار – أعمدة يمكن أن تسود السماء وتغلق الحركة الجوية، وتصل إلى ارتفاعات تقارب 25 ميلا (ما يزيد عن 32 كم) فوق سطح الأرض.
وتشير دراسة جديدة أجرتها جامعة كولورادو بولدر University of Colorado at Boulder إلى أن هذا الرماد البركاني قد يكون له تأثير أكبر على مناخ الكوكب أكثر مما كان يعتقد العلماء سابقا.
تناولت الدراسة الجديدة التي نُشرت في دورية "نيتشر كوميونيكيشنز Nature Communications" بتاريخ 10 سبتمبر/أيلول الجاري، اندلاع بركان جبل كيلوت Mount Kelut (أو كيلود Kelud) في جزيرة جاوة الإندونيسية في عام 2014.
بالاعتماد على ملاحظات العالم الحقيقي لهذا الحدث والمحاكاة الحاسوبية المتقدمة، اكتشف الفريق أن الرماد البركاني يبدو أنه قام بالتسكع والبقاء في الهواء لأشهر أو حتى لفترة أطول بعد انفجار كبير.
تقول يونكيان تشو، المؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة وعالمة أبحاث في مختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء Laboratory of Atmospheric and Space Physics (LASP) في جامعة كولورادو "ما وجدناه في هذا الانفجار البركاني هو أن الرماد البركاني يمكن أن يستمر لفترة طويلة".
الرماد العالق
بدأ الاكتشاف بملاحظة عن طريق الصدفة، حيث كان أعضاء فريق البحث يحلقون بطائرة بدون طيار بالقرب من موقع ثوران جبل كيلوت – وهو حدث غطى أجزاء كبيرة من جزيرة جاوة بالرماد ودفع الناس إلى مغادرة منازلهم. تقول تشو إنهم "رأوا بعض الجسيمات الكبيرة التي بدت مثل الرماد تطفو في الغلاف الجوي بعد شهر من الانفجار".
وأوضحت أن العلماء يعرفون منذ فترة طويلة أن الانفجارات البركانية يمكن أن تؤثر سلبا على مناخ الكوكب، حيث تنفجر بكميات هائلة من الجسيمات الغنية بالكبريت في الغلاف الجوي للأرض ويمكنها منع ضوء الشمس من الوصول إلى الأرض.
مع ذلك، لم يعتقد الباحثون أن الرماد يمكن أن يلعب دورا كبيرا كهذا، حيث رأى العلماء أن هذه القطع من الحطام الصخري ثقيلة جدا لدرجة أن معظمها من المحتمل أن يسقط من السحب البركانية بعد فترة ليست طويلة من ثوران البركان.
واعتمادا على ملاحظات الطائرات والأقمار الصناعية للكارثة، اكتشف الفريق أن عمود البركان يبدو أنه مليء بجزيئات الرماد الصغيرة والخفيفة الوزن – وهي جزيئات صغيرة من المحتمل أن تطفو في الهواء لفترات طويلة من الزمن، مثل زغب الهندباء.
وقالت تشو "افترض الباحثون أن الرماد يشبه الزجاج البركاني.. لكن ما وجدناه هو أن هذه العائمة لها كثافة تشبه الخُفاف إلى حد كبير". والخُفاف pumice هو صخر بركاني زجاجي خفيف مسامي تملؤه الثقوب الناتجة عن احتباس فقاعات الغاز أثناء تصلبه.
اختفاء الجزيئات
أضاف المؤلف المشارك في الدراسة بريان تون أن هذه الجسيمات الشبيهة بالخفاف تبدو أيضا وكأنها تحول كيمياء العمود البركاني بأكمله.
وأوضح تون، الأستاذ في مختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء وقسم علوم الغلاف الجوي والمحيطات في الجامعة نفسها، أن البراكين المتفجرة تقذف كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكبريت.
وقد افترض الباحثون سابقا أن هذه الجزيئات تتفاعل مع جزيئات أخرى في الهواء وتتحول إلى حمض الكبريتيك في سلسلة من التفاعلات الكيميائية التي قد تستغرق نظريا أسابيع حتى تكتمل.
لكن الملاحظات الواقعية تشير إلى أنها تحدث أسرع بكثير من ذلك. يقول تون "كان هناك لغز حول سبب حدوث ردود الفعل هذه بهذه السرعة".
ويعتقد تون وزملاؤه أنهم اكتشفوا الإجابة: يبدو أن جزيئات ثاني أكسيد الكبريت هذه تلتصق بجزيئات الرماد العائمة في الهواء. وفي هذه العملية، قد تخضع لتفاعلات كيميائية على سطح الرماد نفسه، والتي يحتمل أن تتسبب في سحب حوالي 43٪ من ثاني أكسيد الكبريت من الهواء.
بعبارة أخرى، قد يُسرّع الرماد من تحوّل الغازات البركانية في الغلاف الجوي. إذن ما هو تأثير تلك السحب من الرماد على المناخ؟ الأمر غير واضح، حيث يمكن للجسيمات طويلة الأمد في الغلاف الجوي، نظريا، أن تعتم الكوكب بل وتساعد على تبريده بعد ثورانه.
وقد ينفجر الرماد العائم أيضا على طول الطريق من مواقع مثل جبل كيلوت إلى أقطاب الكوكب. هناك، يمكن أن يطلق تفاعلات كيميائية من شأنها أن تدمر طبقة الأوزون المهمة للغاية على الأرض.
لكن الباحثين يقولون إن هناك شيئا واحدا واضحا: عندما تنفجر البراكين، يحين الوقت لإيلاء المزيد من الاهتمام لكل هذا الرماد وتأثيره الحقيقي على مناخ الأرض.